وقوى الناس متفاوته تفاوتا عظيما في ملك تقواهم عند الغضب والطمع والحزن والخوف والشهوة فمنهم من يملك ذلك ويتصرف فيه ومنهم من يملكه ذلك ويتصرف فيه
"الوجه الخامس عشر" ان الغضبان الذي قد انغلق عليه القصد والرأي وقد صار إلى الجنون والعارض اقرب منه إلى العقل الثابت أولى بعدم وقوع طلاقه من الهازل المتلفظ بالطلاق في حال عقله وان لم يرده بقلبه وقد الغي طلاق الهازل بعض الفقهاء وهو احدى الروايتين عن الإمام احمد حكاها ابو بكر عبد العزيز وغيره وبه يقول بعض اصحاب مالك إذا قام دليل الهزل فلم يلزمه عتق ولا نكاح ولا طلاق ولا ريب ان الغضبان أولى بعدم وقوع طلاقه من هذا
"الوجه السادس عشر" ان جماعة من اصحابنا لم يشترطوا في الجنون والمبرسم ان لا يكون ذاكرا لطلاقه وان كان ظاهر نص احمد انه متى ذكر الطلاق لزمه فانه قال في رواية ابي طالب في المجنون يطلق فقيل له لما افاق انك طلقت امراتك فقال انا ذاكر اني طلقت ولم يكن عقلي معي فقال إذا كان يذكر انه طلق فقد طلقت. قال ابو محمد المقدسي وهذا هو المنقول عن الإمام احمد فيمن كان جنونه لذهاب معرفته بالكلية وبطلان حواسه فأما من كان جنونه لنشاف أوكان مبرسما فإن ذلك يسقط حكم تصرفه مع ان معرفته غير ذاهبة بالكلية فلا يضره ذكر الطلاق ان شاء الله انتهى كلامه.