مليحٌ جاء بعد الحجّ يُذكي ... غَرامي بالنّسيم الحاجريّ
تلظّت منهُ أشواقي بقلبي ... وقالت: عند هذا الحاج رييّ
فزاد في تقريظهما والثناء عليهما، فقلت: يا سيدي، والله ما يلحقك أحد في بيتك، ولو كان المطوّعي أو البُستي. قال: ولمَ ذاك؟ قلت: لأنك شاعرٌ مجيدٌ فحلٌ وقعتَ على المعنى بكراً فلم تدع فضلة لغيرك ليأتي به في تراكيبك العذبة الفصيحة ومعناه الحسن البليغ، فبالغ في الجبر والصدقة.
وأنشدني من لفظه لنفسه:
قُل لي عن الحمّام كيف دخلتها ... يا مالكي لتسُرَّ خِلاً مُشفقا
أدخلتَها وأولئك الأقوام قد ... شدّوا المآزِر فوق كثبانِ النّقا
فاستحسنتُهما، وأنشدته لنفسي مضمّناً في اليوم الثاني:
مليحٌ أتى الحمّام كالبدر في الدُجا ... ومبسمُه يُزري بزهرِ الكواكب
وأردافُهُ من تحت مئزره حكَت ... بياض العطايا في سَواد المطالبِ
فأعجبه هذا التضمين كثيراً، وأنشدني يوماً له:
إذا كان من أهواهُ روحي وراحتي ... ولُقياهُ أرجى من حياتي وأرجحُ
وأظمأني منهُ الزّمانُ بفقدِه ... فلا شكّ أن الموت أروى وأروحُ
فاستحسنتُهما، وأنشدته لنفسي في اليوم الثاني: