قلت: أبو الطيب كان أحكم بقوله:
أخالط نفسَ المرء من قبل جسمه ... وأعوفها من فعله والتكلم
وبه قال: أنشدني لنفسه:
ولي في الهوى العذريّ عذرٌ وإنما ... عذار الذي أهواه لي فيه أعذارُ
أيحسن أن أسلو وخدّاه جنة ... وقد كنت لا أسلوهما وهما نارُ
قلت: وقد لهج الناس بهذا المعنى كثيراً، ومن أحسن قوله وبه قال: أنشدني لنفسه:
أوصيكَ يا مُرتَحلاً ... بقَلب مَن قَد ودّعَك
إن عاش أو ماتَ فلا ... تُفِض عليه أدمُعَك
وارْدُدْه ليَ مُصَبّراً ... فالقلبُ والصّبرُ معَك
ومن شعر ابن كاتب المَرج:
إذا حملتْ طيبَ الشّذا نسمةُ الصَّبا ... فذاكَ سلامي والنّسيمُ فمِنْ رُسْلي
وإن طلعت شمسُ النهار ذكرتُكم ... بصالحةٍ والشيُ يُذكرُ بالمثلِ
قلت يريد: طيب الشذا: سلامَه، والنسيم نفسه رسول، فلا يُتوهّم أن الاثنين واحد، والثاني والأول مأخوذ من قول:
إذا طلعت شمسُ النهار فسلّمي ... فآيةُ تَسليمي عليكِ طلوعُها