إعادة الملك الناصر ثانياً إلى الملك، واتفقوا على أن يكون طغجي نائباً، وحلفوا له على ذلك، وأرسلوا سلار - وهو إذ ذاك أمير صغير - إلى الكرك، لإحضار الناصر محمد، وعمل طغجي النيابة أربعة أيام.
ولما حضر أمير سلاح من غزوة الشام؛ وطلعوا للقياه جرى ما جرى - على ما تقدم في ترجمة طغجي وأمير سلاح - وقتل طغجي وكرجي، وكان يعلم على الكتب إذ ذاك ثمانية أمراء: سلار والجاشنكير وبكتمر أمير جاندار وآقوش الأفرم والحسام أستاذ الدار وكرت وأيبك الخزندار والأمير عبد الله.
وقتل لاجين وهو في عشر الخمسين:
قدر عدت فيه الحوادث طورها ... وتجاوزت أقدارها الأيام
لأنه كان سلطاناً جيداً، عادلاً خبيراً، درباً كريماً، جواداً شجاعاً، كان يسل سيفه، ويهزه في يده، ويقول: أشتهي أرى أبغا وهذا في يدي.
ولمل ملك أخرج الخلفاء من الاعتقال، وأبطل تجهيز الثلج من بيروت وطرابلس، وقال: لا حاجة لي به، فإني كنت في دمشق، وأدري ما يجري على الرعايا في وسق الثلج في المراكب، وما يجدونه من التعب والمغارم والكلف.
وكان ذكياً يقظاً: أخبرني القاضي شهاب الدين بن فضل الله، قال: حكى لي والدي أنه وصل إليه في بعض الأيام بريد من مصر على يده كتاب من طرنطاي، ومما فيه بخطه أن الخروف نطح كبشه قلبه، فقال لي: ما هذا يا محيي الدين؟! قلت: ما أعلم، فقال: هذا كلام معناه أن بيدرا قد وثب على عمه الشجاعي، وكذا كان،