وكتبت أنا إليه من صفد:
يا بارقاً سال في عطف الدجى ذهبا ... أذكرتني زمناً في جلق ذهبا
لئن حكيت فؤادي في تلهبه ... فلست تحيكه لا وجداً ولا حربا
ويا نسمياً سرى والليل معتكر ... وهب وهناً إلى أن هزني طربا
أراك تنفح عطراً في صباك فهل ... تركت ذيلاً على جيرون منسحبا
أم قد تحملت من صحبي تحيتهم ... فكان ذلك في طيب الصبا سببا
قوم عهدت الوفاء المحض شيمتهم ... وإن شككت سل العلياء والأدبا
صرفت إلا عناني عن محبتهم ... وبت نضواً حيلف الشوق مكتئبا
لا الدار تدنو ولا السلوان ينجدني ... وعز ذلك مطلوباً إذا طلبا
أحبابنا إن ونت عني رسائلكم ... فلست أسأل إلا الفضل والحسبا
وحياتكم ما لنفسي عنكم بدل ... كلا ولا اتخذت في غيركم أربا
أعيذ ودكم من أن يغيره ... نأي ولو جردت من دون ذاك ظبا
لعل دهراً قضى بالبعد يجمعنا ... وقلما جاد دهر بالذي سلبا
أرضى بحكم زماني وهو يظلمني ... فيكم وأجني ببعدي عنكم التعبا
ولن يظفرني إلا بودكم ... يا حيرتي فيكم إن رد ما وهبا
نسيتموني ولم أعتد سوى كرم ... منكم يبوؤني من فضلكم رتبا
حاشاكم أن تروا هجري بلا سبب ... أو تجعلوا البين فيما بيننا حجبا
عاقبتموني ولا ذنب أتيت به ... فقل عن الصخر إذ يقسوا ولا عجبا
عودوا إلى جبر كسري لا فجعت بكم ... فقد لقيت ببعدي عنكم نصبا