وقلت أنا أرثيه رحمه الله تعالى:

تبكي الطروس عليك والأقلام ... وتنوح فيك على الغصون حمام

يا من حواه اللّحد غضّاً يانعاً ... وكذا كسوف البدر وهو تمام

يا وحشة الديوان منك إذا غدت ... فيه مهمّات البريد ترام

من ذا يوفّيها مقاصدها على ... ما يقتضيه النّقض والإبرام

هيهات كنت به جمالاً باهراً ... فعليه بعدك وحشةٌ وظلام

أسفي على الإنشاء وهو بجلّقٍ ... نثّاره قد مات والنظّام

كم من كتابٍ سار عنك كأنّه ... برد أجاد طرازه الرقّام

إن كان في شرّ فقد رد الرّدى ... وبه ترفّه ذابل وحسام

لم لا يردّ البأس ما ألفاته ... مثل القنا واللام منه لام

أو كان في خير فكلّ كلامه ... درّ يؤلّف بينهنّ نظام

وكأنما تلك السطور إذا بدت ... كأس ترشّف راحها الأقلام

يهتزّ عطف أُولي النّهى لبيانه ... فكأنّ هاتيك الحروف مدام

كم فيه وجهٍ سافر مثل الضحى ... وعليه من ليل السطور لثام

ولكم كتبت مطالعاتٍ خدّها ... قانٍ وثغر فصولها بسّام

وكأنما ألفاتها قضب اللّوى ... وكأنما همزاتهنّ حمام

ما كنت إلا فارس الكتّاب في ... يوم تفرّج ضيقه الأقلام

صلّى وراءك كلّ من عاصرته ... علماً بأنك في البيان إمام

وكأنّ قبرك للعيون إذا بدا ... قصرٌ عليه تحية وسلام

يا محنةً نزلت بعترة غانم ... هانوا وهم في العالمين كرام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015