والتوحيد ليس توحيد الذات الإلهية، كما هو الحال في علم الكلام الموروث، وإنما هو وحدة البشرية ووحدة التاريخ، ووحدة الحقيقة، ووحدة الإنسان ووحدة الجماعة، ووحدة الأسرة .. فالمهم هو إيجاد الدلالة المعاصرة للموضوع القديم، وتخليصه من شوائبه اللاهوتية، فليس للعقائد صدق داخلي، ولا يوجد دين في ذاته، والوحي هو البناء المثالي للعالم .. والمطلوب هو تحويل الوحي إلى أيديولوجية وإلى علم إنساني.
- والعلمانية هي أساس الوحي، فالوحي علماني في جوهره، والدينية طارئة عليه من صنع التاريخ، تظهر في لحظات تخلف المجتمعات وتوقفها عن التطور، والتراث قضية وطنية لا دينية، ومادة التراث نسقطها كلها من الحساب، ونستبدل بها مادة أخرى جديدة من واقعنا المعاصر.
والإلحاد هو التجديد، والتحول من القول إلى العمل، ومن النظر إلى السلوك، ومن الفكر إلى الواقع إنه وعي بالحاضر .. ودرء للأخطار .. بل هو المعنى الأصلي للإيمان، والمطلوب هو الانتقال من العقل إلى الطبيعة، ومن الروح إلى المادة، ومن الله إلى العالم ومن النفس إلى البدن، ومن وحدة العقيدة إلى وحدة السلوك، ومن العقيدة إلى الثورة" (?).
هكذا بلغ "التأويل - العبثي" الذروة إن لم يكن قد تجاوزها! فكل ثوابت الإسلام، وجميع عقائده، ومضامين مصطلحاته -من الله إلى الرسول إلى الدين إلى الجنة إلى النار إلى الثواب والعقاب- قد جردت من محتواها الديني "فنفس الكلمات لم يعد لها نفس المعاني" كما قال الحداثيون الغربيون، وانقلبت مصطلحات الدين وعقائده الثوابت إلى هذا العبث