كما خلق كرومر الخلاف بين المسلمين والمسيحيين في مصر، وقد حارب اللغة العربية وحارب جامعة الزيتونة وظل يعمل في همة حتى عام 1935 حينما بلغ السبعين من عمره وقد استطاع أن يكسب بعض شيوخ الطرق الصوفية إلى صف الحماية واستعان بهم على تركيز النفوذ الفرنسي عن طريق الفكر والدين، وكان ليوتي بارعًا في استغلال الحزازات القبلية واستطاع أن يكسب إلى صف الاستعمار أرباب الطريقة الدرقاوية التي حملت لواء تثبيط مقاومة الشعب للاحتلال فقد أوصى دعاتها الأهالي بالطاعة والتسليم للسلطات الفرنسية، وقد بلغ مولاي عبد الرحمن غاية ما أملت فرنسا في هذا وقد ربط مستقبله بمستقبل فرنسا على حد تعبير روم لاندو في كتابه "تاريخ المغرب في القرن العشرين" في أنه لم تكد جنود الحلفاء تنزل المغرب حتى اتصل شيخ الدرقاوية بهم وطلب أن يصبح مواطنًا، وقد قام الطرقيون بدورهم في ترجيح استسلام الأمير عبد الكريم في حرب الريف عام 1916، وقد أشار لاندو إلى أن الطريقة التيجانية هي أيضًا قد نفعت فرنسا بنفوذها القوي في جنوبي المغرب وموريتانيا والريف، وكذلك الطريقة الكتانية وكان الفضل في ذلك إلى المارشال ليوتي الذي كان عمله الفكري من أكبر الأعمال التي مهدت للنفوذ الغربي الفرنسي في العقل العربي الإسلامي المغربي، وقد أولى ليوتي اهتمامه الأكبر إلى مقاومة جامعة الزيتونة حتى قال لأحد أعوانه أنه: إذا تم لفرنسا القضاء على القرويين فقد ضمنت فرنسا لنفسها الخلود في المغرب؛ ذلك لأن خريجي القرويين كانوا أهم عنصر في المقاومة التي واجهت الاستعمار الفرنسي، ولقد تعرضت جامعة القرويين منذ أواخر القرن الثامن عشر إلى حملة ضخمة قادها كتاب الأفرنج وطعنوا في معارف أهلها وكفاءاتهم، وكان هذا تمهيدًا للتدخل في مناهجها ومحاولة إماتتها والقضاء عليها. وأبرز أعمال ليوتي هي حركة الفصل بين العرب والبربر، وقد صور هذا الدور فيكتور بليه في كتاب "الشعب المغربي أو العنصر البربري" فقال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015