يشكل عليه أسلوب المعوذتين أنهما من القرآن وإنما حكمهما من مصحفه لأنه ظن أن تلاوتهما قد نسخت.
وأما أبيّ بن كعب فظن أن تلاوة القنوت باقية ولم يعلم أنها قد نسخت، وأما امرأة ابن رواحة فلم تكن من ذوي الفصاحة والبلاغة فتفرق بين الشعر وأسلوب القرآن فلم يكن لوهمها تأثير.
والوجه الرابع: من إعجازه كثرة معانيه التي لا يجمعها كلام البشر وذلك من وجهين:
أحدهما: ما يجمعه قليل الكلام من كثير المعاني كقوله تعالى: وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (?) فجمع في آية واحدة بين أمرين ونهيين وخبرين وبشارتين.
والثاني: أن ألفاظه تحتمل معاني متغايرة تحار فيها العقول وتذهل فيها الخواطر وتكل فيها القرائح ثم لا تبلغ أقصاه ولا تدرك منتهاه حتى اختلفت فيه الوجوه وتقابلت فيه النظائر.
فإن قيل: فهذا إلغاز ورمز هو بالذم منه أولى بالحمد فعنه جوابان:
أحدهما: أن الإلغاز وإن ذم فالرمز ليس بمذموم وليس فيه لغز وإن كان فيه رمز.
والثاني: إن ما اختلفت معانيه يخرج عن اللغز والرمز لأن اللغز ما أريد به غير معناه والرمز ما خفي معناه.
والوجه الخامس: من إعجازه ما جمعه القرآن من علوم لا يحيط بها بشر