ثم كثر الناس فافترقوا بعد ادريس وزادوا إلى زمن نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ وهو ادريس وهو آخر نبي بعث قبل الطوفان على قول من زعم أن شيثا نبي ونزل الطوفان بعد ستمائة سنة (?) من عمره وأنذر قومه فكذبوه وصنع السفينة فسخروا منه وأمره الله تعالى أن يصنعها في طول ثلاثمائة ذراع وعرض خمسين ذراعا وعلو ثلاثين ذراعا وتكون ثلاث طبقات ليركب فيها هو وأهله ويأخذ من كل جنس من الحيوان زوجين ذكرا وأنثى ليكونوا أصولا لنسلهم فيحيا بهم العالم ثم وعده أن يستمطره بعد سبعة أيام أربعين يوما وأربعين ليلة فلم يبق في الأرض ذو روح إلّا من ركبها وغاض الطوفان بعد مائة وخمسين يوما (?) فاستوت على الجودي وهو جبل بأرض الجزيرة شهرا وسمي الماء طوفانا لأنه طفا فوق كل شيء.
واختلف فيما عاش نوح بعد الطوفان فقال الأكثرون ثلاثمائة وخمسين سنة وهو ظاهر ما نزل به القرآن وقال آخرون ستمائة وخمسون سنة لأنه لبث تسعمائة وخمسين سنة داعيا لقومه وكان له قبل دعائه ثلاثمائة سنة واختلف فيما بين هبوط آدم من الجنة إلى مجيء الطوفان فقال إثنان وسبعون حبرا من بني إسرائيل نقلوا التوراة إلى اليونانية بينهما ألفان ومائتان وإثنتان وأربعون سنة ثم تبلبلت الألسن بعد الطوفان بستمائة وسبعين سنة فافترق إثنان وسبعون لسانا في اثنتين وسبعين أمة.
قال وهب بن منبه منها في ولد سام بن نوح تسعة عشر لسانا، وفي ولد حام سبعة عشر لسانا. وفي ولد يافث ستة وثلاثون لسانا من تبلبل الألسن إلى مولد إبراهيم الخليل عليه السلام أربعمائة وأحد عشر سنة ومن مولد إبراهيم إلى موسى بن عمران عليه السلام أربعمائة وخمس وعشرون سنة وأخرج بني إسرائيل من مصر بعد ثمانية سنة ودبر أمرهم أربعين سنة ومات وله مائة