واستشهدوا عليه من التوراة بما ذكر فيها أنك إن أكلت من الشجرة يوم تأكل منها فموتا تموت فلم يجز أن يتوعده بالموت عند معاقبته وهو يموت لو لم يعاقب.

وقال آخرون منهم وهو أشبه بمقتضى العقول أنه خلق في ابتداء إنشائه قابلا للموت في الدنيا وإن لم يعص لأنه أحوجه إلى الغذاء كذريته وليس شيء من الجواهر التي لا ينالها الموت محتاجة إلى الغذاء ولم يجعل الموت عقوبة على المعصية ولذلك لم يمت من عصى من الملائكة وإن في التوراة (?) مكتوبا أن مد يده في الجنة إلى شجرة الحياة وأكل منها حيي الدهر كله فدل على أنه مطبوع على قبول الموت ولما خلق الله تعالى آدم ابتداء ولم يخلقه بتوسط طبيعة كما خلق نسله كان على أفضل اعتدال وأكمل عقل فصار قلبه معدنا للحكمة الإنسانية وجسده مهيأ للأفعال البشرية فلم يمتنع عليه شيء منها حتى أحاط علما وقدرة بجميعها ولذلك علم الأسماء كلها وألهم الحكمة باسرها واطلع على أسرار النجوم وعملها وعرف منافع الحيوان والنبات ومضارها، ولولا ذلك لما فرق بين الغذاء والدواء ولا بين السموم القاتلة ولا اهتدى بالنجوم في بر ولا بحر وكان هو المدبر لأولاده مدة حياته حتى مات بعد تسعمائة وثلاثين سنة من عمره (?) ، ثم قام بالأمر من بعده شيث ابن آدم فبرع في الحكمة وفاق في علم النجوم بما أخذه عن أبيه آدم وبما استفاده بالتجربة ومرور الزمان.

واختلف أهل الكتاب في نبوة شيث فادعاها بعضهم وأنكرها آخرون منهم وولد بعد مائتين وثلاثين سنة من عمر أبيه آدم (?) ومات وله تسعمائة واثنتا عشرة سنة (?) فكان قيامه بالأمر بعد موت آدم مائتين وإثنتي عشرة سنة واتفق أهل الكتاب أنه لم يكن بين شيث وادريس نبي غير ادريس تم قام بالأمر بعد شيث ولده أنوش بن شيث، وكان مولده بعد مائتين وخمسين سنة من عمر شيث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015