وتفهمه القلوب بقدرته التي أخفاها عن خلقه.

والجواب عما ذكر من أن جرم الملائكة علوي لا ينهبط من وجهين:

أحدهما: أنه ليس يمتنع أن ينتقل جرم سماوي لطيف إلى جرم أرضي كثيف إما بزيادة أو انقلاب كما يقولون في العقل والنفس أنهما جرمان علويان هبطا إلى الجسم فحلا فيه.

والثاني: أنهم يقولون بانقلاب الأجرام الطبيعيات، فيقولون أن الهوى المركب من حرارة رطوبة إذا ارتفعت حرارته ببرودة صار ماء باردا، وأن الماء المركب من برودة ورطوبة إذا ارتفعت برودته بحرارة صار هواء وأن الهواء المركب من حرارة رطوبة إذا ارتفعت رطوبته بيبوسة صار نارا، فإذا جاز ذلك عندهم في انقلاب الطبائع كان في فعل الله تعالى أجوز وهو عليها أقدر، ولا يمكن أن يدفع أقاويلهم الخارجة عن قوانين الشرع إلّا بمثلها، وإن خرج عن حجاج أمثالنا لينقض قولهم بقولهم فلا يتدلس به باطل ولا يضل به جهول، فما يضل عن الدين إلّا قادح في أصوله، ومزر على أهله.

إثبات النبوّات

فإذا أثبت أن النبوّة لا تصح إلّا ممن أرسله الله تعالى بوحيه إليه فصحتها فيه معتبرة بثلاثة شروط تدل على صدقه ووجوب طاعته.

أحدهما: أن يكون مدعي النبوّة على صفات يجوز أن يكون مؤهلا لها لصدق لهجته وظهور فضله وكمال حاله فإن اعتوره نقص أو ظهر منه كذب لم يجز أن يؤهل للنبوة من عدم آلتها وفقد أمانتها.

بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بعض أحياء العرب يدعوهم إلى الإسلام فقالوا: يا خالد، صف لنا محمدا، قال: بإيجاز أم بإطناب. قالوا:

بإيجاز. قال: هو رسول الله، والرسول على قدر المرسل.

والشرط الثاني: إظهار معجز يدل على صدقه ويعجز البشر عن مثله لتكون مضاهية للأفعال الإلهية، ليعلم أنها منه فيصح بها دعوى رسالته لأنه لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015