والأنبياء هم رسل الله تعالى إلى عباده بأوامره ونواهيه، زيادة على ما اقتضته العقول من واجباتها وإلزاما لما جوّزته من مباحاتها، لما أراده الله تعالى من كرامة العاقل وتشريف أفعاله واستقامة أحواله وانتظام مصالحه، حين هيأه للحكمة وطبعه على المعرفة، ليجعله حكيما وبالعواقب عليما، لأن الناس بنظرهم لا يدركون مصالحهم بأنفسهم ولا يشعرون لعواقب أمورهم بغرائزهم ولا ينزجرون مع اختلاف أهوائهم دون أن يرد عليهم آداب المرسلين وأخبار القرون الماضين، فتكون آداب الله فيهم مستعملة وحدوده فيهم متبعة وأوامره فيهم ممتثلة ووعده ووعيده فيهم زاجرا وقصص من غبر من الأمم واعظا فإن الأخبار العجيبة إذا طرقت الأسماع والمعاني الغريبة إذا أيقظت الأذهان استمدتها العقول فزاد علمها وصح فهمها وأكثر الناس سماعا أكثرهم خواطر وأكثرهم خواطر أكثرهم تفكرا وأكثرهم تفكرا أكثرهم علما وأكثرهم علما أكثرهم عملا فلم يوجد عن بعثة الرسل معدل ولا منهم في انتظام الحق بدا.
وأنكر فريق من الأمم نبوّات الرسل وهم فيها ثلاثة أصناف:
أحدها: ملحدة دهرية يقولون بقدم العالم وتدبير الطبائع فهم بإنكار المرسل أجدر أن يقولوا بإنكار الرسل.