فَحَدِّثْ (?) أي بما جاءك من النبوة فكان يذكرها مستسرا.

والمنزلة الخامسة: أن أمر بعد النبوّة بالإنذار فصار به رسولا ونزل عليه القرآن بالأمر والنهي فصار به مبعوثا ولم يؤمر بالجهر وعموم الإنذار ليختص بمن أمنه ويشتد بمن أجابه فنزل عليه قول الله تعالى: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (?) فتمت نبوّته بالوحي والإنذار وإن كان في استسرار وكان ذلك في يوم الاثنين من شهر رمضان.

قال هشام بن محمد: أول ما تلقاه جبريل في ليلة السبت وليلة الأحد ثم ظهر له برسالته في يوم الاثنين.

وروى أبو قتادة: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الاثنين، فقال: «ذاك يوم ولدت فيه وأنزل عليّ فيه النبوّة واختلف في أي اثنين كان من شهر رمضان» ، فقال أبو قلابة: كان في الثامن عشر منه.

وقال أبو الخلد: كان في الرابع والعشرين منه وهو ابن أربعين سنة في قول الأكثرين لأربعين سنة مضت من عام الفيل وزعم قوم أنه كان ابن ثلاث وأربعين سنة.

قال هشام بن محمد: وذلك لعشرين سنة من ملك كسرى ابرويز.

وقال غيره: لست عشرة سنة من ملكه.

ثم روي أن جبريل عليه السلام نزل عليه في يوم الثلاثاء ثاني النبوّة وهو بأعلى مكة فهمّ بعقبة في ناحية الوادي فانفجرت منه عين فتوضأ جبريل منها ليريه كيف الطهور فتوضأ مثل وضوئه ثم قام جبريل فصلى وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاته فكانت هذه أول عبادة فرضت عليه ثم انصرف جبريل فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خديجة فتوضأ لها حتى توضأت وصلى بها كما صلى به جبريل فكانت أول من توضأ بعده وصلى واستسر بالإنذار من يأمنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015