هذا وقد ملك من أقصى الحجاز إلى عذار العراق (?) ومن أقصى اليمن إلى شحر عمان (?) وهو أزهد الناس فيما يقتني ويدخر وأعرضهم عما يستفاد ويحتكر لم يخلف عينا ولا دينا ولا حفر نهرا ولا شيد قصرا ولم يورث ولده وأهله متاعا ولا مالا ليصرفهم عن الرغبة في الدنيا كما صرف نفسه عنها فيكونوا على مثل حاله في الزهد فيها.
وروى أبو سلمة عن أبي هريرة قال: جاءت فاطمة رضي الله عنها إلى أبي بكر رضي الله تعالى عنه تريد الميراث فمنعها، فقالت: من يرثك، قال:
ولدي وأهلي، فقالت: فلا ترث رسول الله صلى الله عليه وسلم بنته؟ فقال أبو بكر رضي الله تعالى عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنا لا نورث ما تركنا فهو صدقة» ، فمن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوله، فأنا أعوله، ومن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق عليه فأنا أنفق عليه.
وحث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الزهد في الدنيا والإعراض عن التلبس بها ليكون عونا على السلامة من تباعتها وصرف النفوس عن شهواتها.
وروى عبد المطلب بن حاطب عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أحب دنياه أضر بآخرته فآثروا ما يبقى على ما يفنى» .
وروي عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حب الدنيا رأس كل خطيئة» .
وروى أبو حكيم عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احذروا الدنيا فإنها أسحر من هاروت وماروت» (?) .
وروى عمرو بن مرة عن أبي جعفر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عجبا كل العجب للمصدّق بدار الخلود وهو يسعى لدار الغرور» .