الباب العشرون في شرف أخلاقه وكمال فضائله صلى الله عليه وسلم

المهيأ لأشرف الأخلاق وأجمل الأفعال المؤهل لأعلى المنازل وأفضل الأعمال لأنها أصول تقود إلى ما ناسبها ووافقها وتنفرد مما باينها وخالفها، ولا منزلة في العالم أعلى من النبوة التي هي سفارة بين الله تعالى وعباده تبعث على مصالح الخلق وطاعة الخالق فكان أفضل الخلق بها أخص وأكملهم بشروطها أحق بها وأمسّ ولم يكن في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم وما دانى طرفيه من قاربه في فضله ولا داناه في كماله خلقا وخلقا وقولا وفعلا وبذلك وصفه الله تعالى في كتابه بقوله:

وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (?) .

فإن قيل: فليست فضائله دليلا على نبوّته ولم يسمع بنبي احتج بها على أمته ولا عوّل عليها في قبول رسالته لأنه قد يشارك فيها حتى يأتي بمعجز يخرق العادة فيعلم بالمعجز أنه نبي لا بالفضل.

قيل: الفضل من أماراتها وإن لم يكن من معجزاتها ولأن تكامل الفضل معوز فصار كالمعجز ولأن من كمال الفضل اجتناب الكذب وليس من كذب في ادعاء النبوّة بكامل الفضل فصار كمال الفضل موجبا للصدق والصدق موجبا لقبول القول فجاز أن يكون من دلائل الرسل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015