تحوه وأرسلت إلى جده عبد المطلب أن قد ولد لك غلام فأته فانظر إليه فأتاه ونظر إليه وحدثته بما رأت حين حملت به وما قيل لها فيه وما أمرت أن تسميه فقيل إن عبد المطلب أخذه فدخل به على هبل في جوف الكعبة فقام عنده يدعو ويشكر بما أعطاه ثم خرج به إلى أمه فدفعه إليها وقال: قد رأى فيه سمات المجد وتوسم فيه إمارات السؤدد أن محمدا لن يموت حتى يسود العرب والعجم وأنشأ يقول:
الحمد لله الذي أعطاني ... هذا الغلام الطيب الأردان
أعيذه بالواحد المنان ... من كل ذي عيب وذي شنآن
حتى أراه شامخ البنيان
ولم يزل موفور البركة على كل لائذ به وكافل له فروى جهم بن أبي الجهم عن عبد الله بن جعفر قال: لما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمت حليمة بنت الحرث ابن عبد العزى تلتمس الرضعاء في سنة شيبة قالت ومعنا شارف والله ما يبض لنا بقطرة من لبن ومعي بني لي منه وما نجد في ثديي ما نعلله إلّا أنا نرجو الغيث وكانت لنا غنم فنحن نرجوها فلما قدمنا مكة لم يبق منا امرأة إلّا عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم تقبله وكرهناه ليتمه فأخذ كل صاحبي رضعاء ولم أجد غيره فأخذته وأتيت به رحلي فوالله إن هو إلّا أن ثبت في الرحل وأمسيت فأقبل ثدياي باللبن حتى أرويته وأرويت اخاه، وقام أبوه إلى شارفنا تلك ليمسه بيده فإذا هي حافل فحلبها ما رواني من لبنها وروى الغلمان فقال: يا حليمة لقد أصبنا نسمة مباركة ثم اغتدينا راجعين إلى بلادنا فركبت أتاني وحملته معي فوالذي نفس حليمة بيده لقد طفت بالركب حتى أن النسوة ليقلن يا حليمة امسكي عنا أهذه أتانك التي خرجت عليها قلت نعم: فقلت والله إني لأرجو أن أكون قد حملت عليها غلاما مباركا قالت: فكان الله يزيدنا به في كل يوم خيرا وإن غنمنا لتعود من الرعي بطانا حفلا، وتعود غنم الناس خماصا جياعا.
قال: فبينا هو يلعب خلف البيوت وأخوه في بهم لنا إذ أتاني أخوه يشتد فقال: إن أخي القرشي جاءه رجلان عليهما ثوبان أبيضان فأخذاه فأضجعاه