والثالث: أنه واحد لا شريك له.
فأما الفصل الأول؛ في حدوث العالم، فالمحدث ما كان له أول، والقديم ما لا أول له، والدليل على حدوث العالم شيئان:
أحدهما: أن العالم جواهر وأجسام، لا تنفك عن أعراض محدثة من اجتماع وافتراق وحركة وسكون، وإنما كانت الأعراض محدثة لأمرين:
أحدهما: أنه لا يصح قيامها بذواتها.
والثاني: لوجودها بعد عدمها (?) ، وزوالها بعد وجودها (?) ، وما لم ينفك عن الأعراض المحدثة لم يسبقها، لأنه لو سبقها لكان لا مجتمعا ولا مفترقا ولا متحركا ولا ساكنا، وهذا مستحيل فإستحال سبقه، وما لم يسبق المحدث فهو محدث فإن قيل: فليس يستنكر أن تكون الحوادث الماضية لا أول لها، فلم يلزم حدوث العالم، قيل: إذا كان لكل واحد من الحوادث أول استحال أن لا يكون لجميعها أول لأنها ليست غير آحادها، فصارت جميعها محدثة لأنها ذوات أوائل محدثة.
والدليل الثاني: على حدوث العالم وجوده محدودا متناهي الأجزاء والأبعاض وما تناهت أجزاؤه وأمكن توهم الزيادة عليه والنقصان منه كان تقديره على ما هو به دليلا، على أن غيره قدره إذ ليس كون ذاته على صفة بأولى من كونه على غيرها لولا تدبر غيره لها. فإن قيل: فلم لا كانت طينته قديمة وأعراض تركيبه وتصويره حادثة، كأفعال الله تعالى حادثة عن ذاته القديمة؟
قيل: لأن حدوث أعراضه فيه، وهو لا ينفك منها فصار محدثا بها وأفعال الله تعالى حادثة في غيره، فلم يمنع حدوثها من قدمه، ولو حدثت فيه لمنعت من قدمه.
وأما الفصل الثاني: أن للعالم محدثا قديما، فالدليل على أن له محدثا قديما شيئان: