ونشبت العداوة بين أمية وهاشم وأراد منافرته فكره هاشم ذلك لنسبه وقدره فلم تدعه قريش حتى نافره إلى الكاهن الخزاعي في خمسين ناقة سود الحدق ينحرها ببطن مكة والجلاء من مكة عشر سنين، فنفر الخزاعي هاشما وقال لأمية: تنافر رجلا هو أطول منك قامة وأعظم منك هامة وأحسن منك وسامة وأقل منك لامة وأكثر منك ولدا وأجزل منك صفرا، فقال أمية: من انتكاث الزمان أن جعلناك حكما، فأخذ هاشم الإبل فنحرها وأطعمها من حضره وخرج أمية إلى الشام فأقام بها عشر سنين، فكانت هذه أول عداوة وقعت بين هاشم وأمية وملك هاشم الوفادة والسقاية واستقرت له الرياسه وصارت قريش له تابعة تنقاد لأمره وتعمل برأيه، وتنافرت قريش وخزاعة إليه فخطبهم بما أذعن له الفريقان بالطاعة، فقال في خطبته: أيها الناس نحن آل إبراهيم وذرية إسماعيل وبنو النضر ابن كنانة وبنو قصي بن كلاب وأرباب مكة وسكان الحرم لنا ذروة الحسب ومعدن المجد ولكل في كل حلف يجيب عليه نصرته وإجابة دعوته إلّا ما دعا إلى عقوق عشيرة وقطع رحم يا بني قصي أنتم كغصني شجرة أيهما كسر أوحش صاحبه والسيف لا يصان إلّا بغمده ورامي العشيرة يصيبه سهمه ومن أمحكه اللجاج أخرجه إلى البغي أيها الناس الحلم شرف والصبر ظفر والمعروف كنز والجود سؤد والجهل سفه والأيام دول والدهر غير والمرء منسوب إلى فعله ومأخوذ بعمله فاصطنعوا المعروف تكسبوا الحمد ودعوا الفضول تجانبكم السفهاء وأكرموا الجليس يعمر ناديكم وحاموا الخليط يرغب في جواركم وأنصفوا من أنفسكم يوثق بكم وعليكم بمكارم الأخلاق فإنها رفعة وإياكم والأخلاق الدنيئة فإنها تضع الشرف وتهدم المجد ألا وأن نهنهة الجاهل أهون من حزيرته ورأس العشيرة يحمل أثقالها ومقام الحليم عظة لمن انتفع به.
فقالت قريش: رضينا بك أبا نضلة، وهي كنيته، فانظروا إلى ما أمر به من شريف الأخلاق ونهى عنه من مساوىء الأفعال هل صدر إلّا عن غزارة فضل وجلالة قدر وعلو همة وما ذاك إلّا لاصطفاء يراد وذكر يشاد لأن توالي ذلك في الآباء يوجب تناهيه في الأبناء، ومات هاشم بغزة من أرض الشام وهو أول