وولاة الحرم وقادة الحجيج فدانت لهم العرب وتقدموا فيهم بالشرف لحلولهم في الحرم وتكفلهم بالكعبة ثم قيامهم بالحج وشاع ذلك في الأمم.
فحكى قوم من دياني (?) العرب أن جماعة من ملوك الفرس زاروا الكعبة بمكة وعظموها وحملوا إليها صنوف الثياب وأنواع الطيب وزمزموا من معهم من الفرس عند بئر زمزم، فلذلك سميت زمزم، واستشهد قائل هذا بقول الشاعر:
زمزمت الفرس على زمزم ... وذاك في سالفة الأقدم
وقريش هم ولد النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر، وقيل بل هم بنو فهر بن مالك بن النضر فمن نسبهم إلى النضر فلأنه تفرقت قبائل بني كنانة، وقيل كان يسمى قريشا ومن نسبهم إلى فهر فلأن فهرا في زمانه كان رئيس الناس بمكة وقصدها حسان بن عبد كلال في حمير وقبائل اليمن ليهدم الكعبة وينقل أحجارها إلى اليمن ليبنيه بيتا باليمن يجعل حج الناس إليه، فنزل بنخلة وأغار على سرح مكة فسار إليه فهر في كنانة وأحلافهم من قبائل مضر، فانهزمت حمير وأسر الحرث بن فهر حسان بن عبد كلال فبقي في يد فهر ثلاث سنين أسيرا بمكة حتى فدى نفسه وخرج فمات بين مكة واليمن، فعظم بهذا الحرث شأن فهر فأغزت إليه قريش حين حمى مكة ومنع من هدم الكعبة وكانت من أشباه عام الفيل واختلف في تسميتهم قريشا على أربعة أقاويل أحدها لتجمّعهم بعد التفرق، والتقرش التجمع، ومنه قول الشاعر:
أخوة قرشوا الذنوب علينا ... في حديث من دهرهم وقديم
والثاني لأنهم كانوا تجارا يأكلون من مكاسبهم والقرش التكسب، والثالث لأنهم كانوا يفتشون الحاجة عند ذي الخلة (?) فيسدون خلته والقرش التفتش، ومنه قول الشاعر:
أيها السامت التقرش عنا ... عند عمرو فهل له إبقاء