ويتحاسدون مع الكثرة، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نجا أول هذه الأمة باليقين والزهد ويهلك آخرها بالبخل والأمل» .

والجواب الثاني: أن السيف إذا كان لطلب الحق كان خيرا، واللطف إذا كان مع إقرار الباطل كان شرا لأن الشرع موضوع لإقرار الفضائل الإلهية والحقوق الدينية، ولذلك جاء الشرع بالقتل والحدود ليستقر به الخير وينتفي به الشر لأن النفوس الأشرة لا يكفها إلا الرهبة فكان القهر لها أبلغ في انقيادها من الرغبة وكانت العرب أكثر الناس شرا وعتوا لكثرة عددهم وقوة شجاعتهم فلذلك كان السيف فيهم أنفع من اللطف.

والجواب الثالث: أنه لم يكن في جهاده بالسيف بدعا من الرسل ولا أول من أثخن في أعداء الله تعالى.

وقبل هذا إبراهيم عليه السلام جاهد الملوك الأربعة الذين ساروا إلى بلاد الجزيرة للغارة على أهلها وحاربهم حتى هزمهم بأحزابه وأتباعه.

وهذا يوشع بن نون قتل نيفا وثلاثين ملكا من ملوك الشام وأباد من مدنها ما لم يبق له أثر ولا من أهلها صافر من غير أن يدعوهم إلى دين أو يطلب منهم أتاوة وساق الغنائم.

وغزا داود من بلاد الشام ما لم يدع فيها رجلا ولا امرأة إلا قتلهم، وهو موجود في كتبهم.

ومحمد صلى الله عليه وسلم بدأ بالاستدعاء وحارب بعد الآباء.

روى ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم متنصرا من مظلمة ظلمها قط ما لم ينتهك من محارم الله تعالى شيء فإذا انتهك من محارم الله تعالى شيء كان أشدهم في ذلك غضبا وما خيّر بين أمرين، إلّا اختار أيسرهما ما لم يكن مأثما، وقد كان صلى الله عليه وسلم أحث الناس على الصفح والتعاطف.

روى أسيد بن عبد الرحمن عن فروة بن مجاهد عن عقبة بن عامر قال:

لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: يا عقبة صل من قطعك وأعط من حرمك واعف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015