الباب الخامس عشر في بشائر الأنبياء عليهم السلام بنبوته صلى الله عليه وسلم
إن لله تعالى عونا على أوامره وإغناء عن نواهيه فكان أنبياء الله تعالى معانين على تأسيس النبوّة بما تقدمه من بشائرها وتبديه من أعلامها وشعائرها ليكون السابق مبشرا ونذيرا واللاحق مصدقا وظهيرا فتدوم بهم طاعة الخلق وينتظم بهم استمرار الحق وقد تقدمت بشائر من سلف من الأنبياء بنبوّة محمد صلى الله عليه وسلم مما هو حجة على أممهم ومعجزة تدل على صدقه عند غيرهم بما أطلعه الله تعالى على غيبه ليكون عونا للرسول وحثا على القبول.
فمن ذلك بشائر موسى عليه السلام في التوراة: فأولها؛ في الفصل التاسع من السفر الأول (لما هربت هاجر من سارة تراءى لها ملك وقال: يا هاجر أمة سارة ارجعي إلى سيدتك فاخضعي لها، فإن الله سيكثر زرعك وذريتك حتى لا يحصون كثرة، وها أنت تحبلين وتلدين إبنا وتسميه إسماعيل لأن الله تعالى قد سمع خشوعك وهو يكون عين الناس وتكون يده فوق الجميع ويد الجميع مبسوطة إليه بالخضوع وهذا لم يكن في ولد إسماعيل إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم كانوا قبله مقهورين فصاروا به قاهرين) .
ومنها: قوله في هذا السفر لإبراهيم حين دعاه في إسماعيل (وباركت عليه وكثرته وعظمته جدا جدا وسيلد اثنى عشر عظيما وأجعله لأمة عظيمة) وليس في ولد إسماعيل من جعله لأمة عظيمة غير محمد صلى الله عليه وسلم.
ومنها: في الفصل الحادي عشر من السفر الخامس عن موسى عليه