ومن أعلامه: شاة أم معبد الخزاعية وكانت مجهودة عجفاء وضراء فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرعها فدرت لبنا وامتلأت سمنا وبقيت على حالها إلى أن وافاها أجلها وأهدت له أم شريك عكة فيها سمن فأخذ منه شيئا (?) ورد العكة عليها فلم تزل العكة تصب سمنا مدة طويلة، إلى أمثال هذا ونظائره.
فإن قيل: لا يثبت إعجاز النبوّات بمثل هذا من أخبار الآحاد فعنه جوابان:
أحدهما: أن رواة الآحاد قد أضافوه إليه في جمع كثير قد شاهدوه وسمعوا راويه فصدقوه ولم يكذبوه وفي الممتنع إمساك العدد الكثير عن رد الكذب كما يمتنع افتعالهم للكذب ولئن جاز اتفاقهم على الصدق مع الكثرة والافتراق وامتنع اتفاقهم على الكذب فلأن دواعي الصدق عامة متناصرة ودواعي الكذب خاصة متنافرة، ولذلك كان صدق أكذب الناس أكثر من كذبه لأنه لا يجد من الصدق بدا ويجد من الكذب بدا.
والثاني: أنها أخبار وردت من طرق شتى وأمور متغايرة فامتنع أن يكون جميعها كذبا وإن كان في آحادها مجوز فصار مجموعها من التواتر ومفترقها من الآحاد فصار متواتر مجموعها حجة وإن قصر مفترق آحادها عن الحجة والله تعالى أعلم.