والفاسد، والصحيح هو الذي وَرَدَتْ به الشريعة، وهو الجمع بين المتماثلين والفرق بين المختلفين، فالأول قياس الطَّرْد، والثاني قياس العكس، وهو من العدل الذي بعث اللَّه به نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ فالقياس الصحيح مثل أن تكون العلة التي علَّق بها الحكم في الأصل موجودة في الفرع من غير معارض في الفرع يمنع حكمها، ومثل هذا القياس لا تأتي الشريعة بخلافه قط، وكذلك القياس بإلغاء الفارق، وهو أن لا يكون بين الصورتين فرقٌ مؤثر في الشَّرع، فمثل هذا القياس أيضًا لا تأتي الشريعة بخلافه، وحيث جاءت الشريعة باختصاص بعض الأحكام بحكمٍ يفارق به نظائره فلابد أن يختص ذلك [النوع] (?) بوصف يوجب اختصاصه بالحكم ويمنع مساواته لغيره، لكن (?) الوصف الذي اختص به ذلك النوع وقد (?) يظهر لبعض الناس وقد لا يظهر، وليس من شرط القياس الصحيح أن يَعْلم صحتَه كلُّ أحد، فمن رأى شيئًا من الشريعة مخالفًا للقياس فإنما هو مخالف للقياس الذي انعقد في نفسه، ليس مخالفًا للقياس الصحيح الثابت في نفس الأمر، وحيث علمنا أن النص [ورد] (?) بخلاف قياس علمنا قطعًا أنه قياس فاسد، بمعنى أن سورة النص امتازت عن تلك الصور التي يُظن أنها مثلها بوصفٍ أوجب تخصيصَ الشارع لها بذلك الحكم، فليس في الشريعة ما يخالف قياسًا صحيحًا، ولكن يخالف القياس الفاسد، وإن كان بعضُ الناس لا يعلم فساده، ونحن نبين ذلك فيما ذكر في السؤال.
فالذين قالوا: "المضاربة والمُسَاقاة والمزَارعة على خلاف القياس" ظنّوا أن هذه العقود من جنس الإجارة؛ لأنها عملٌ بعوض، والإجارة يشترط فيها العلم بالعِوَض والمعوض، فلما رأوا العمل والرِّبْحَ في هذه العقود غير معلومين قالوا: هي على خلاف القياس (?)، وهذا من غلطهم؛ فإن هذه العقود من جنس