للعاصب بغيره، فدلَّ قضاؤه الثابتُ عنه في إعطاء الأخت مع البنت وبنت الابن (?) ما بقي أن (?) الأخت عصبة بغيرها، فلا تنافي بينه وبين قوله: "فلأولى رجل ذكر" بل هذا إذا لم يكن ثَّمَّ عصبة بغيره، بل كان العصبة عصبة بأنفسهم، فيكون أولاهُم وأقربُهم إلى الميت أحقهم بالمال؛ وأما إذا اجتمع العصبتان (?) فقد دلَّ حديثُ ابن مسعود الصحيح أن تعصيب الأخت أولى من تعصيب مَنْ هو أبعدُ منها، فإنه أعطاها الباقي ولم يعطه لابن عمه مع القطع (?)، فإن العرب بَنُو عم بعضُهم لبعض، فقريب وبعيد، ولا سيما إن كان ما حكاهُ ابنُ مسعود من قَضَاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قضاء عامًا كليًا، فالأمر حينئذ يكون أظهر وأظهر.

فصل [صحة قول الجمهور في مسألة ميراث الأخوات]

ومما يبين صحة قول الجمهور أن قوله تعالى: {لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176] إنما يدل منطوقُه على أنها تَرِثُ النصف مع عدم الولد، والمفهوم إنما يقتضي أن الحكم في المسكوت ليس مماثلًا للحكم في المنطوق، فإذا كان فيه تفصيلٌ حصل بذلك مقصود المخالفة، فلا يجب أن تكون كل صورة من صُوَر المسكوت مخالفة لكل صور المنطوق، ومَنْ تَوَهم ذلك فقد توهم باطلًا، فإن المفهوم إنما يدل بطريق التعليل أو بطريق التخصيص، والحكم إذا ثبت لعلةٍ فانتفت في بعض الصور أو جميعها جاز أن يخلُفها علةٌ أخرى.

وأما قصد التخصيص فإنه يحصل بالتفصيل، وحينئذ فإذا نَفَيْنَا إرْثَهَا مع ذكور

طور بواسطة نورين ميديا © 2015