مع البنت وبينه وبين الميت وسائط كثيرة وتُحرم الأخت القريبة التي ركَضَتْ معه في صُلْب أبيه ورحم أمه؟ هذا من المحال الممتنع شرعًا؛ فهذا من جهة الميزان. وأما من جهة فهم النص فإن اللَّه سبحانه قال في الأخ: {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: 176] ولم يمنع ذلك ميراثه منها إذا كان الولد أنثى، فهكذا قوله: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176] لا ينفي أن ترث غيرَ النصف مع إناث الولد أو ترث (?) الباقي إذا كان نصفًا؛ لأن هذا غير الذي أعطاها إياه فرضًا مع عدم الولد، فتأمله فإنه ظاهر جدًا؛ وأيضًا فالأقسام ثلاثة:
* إما أن يقال: يُفرضُ لها النصف مع البنت.
* أو يقال: تَسقطُ معها بالكلية.
* أو يقال: تأخذ ما فَضَلَ بعد فَرْضِ البنت أو البنات.
والأول ممتنع للنص والقياس، فإن اللَّه سبحانه إنما فرض لها النصفَ مع عدم الولد، فلا يجوز إلغاءُ هذا الشرط وفَرْضُ النصف لها مع وجوده، واللَّه سبحانه إنما أعطاها النصف إذا كان الميتُ كَلَالة لا ولدَ له ولا والد، فإذا كان له ولد لم يكن الميتُ كلالةً فلا يفرض لها معه [منه] (?)؛ وأما القياس فإنها لو فُرض لها النصف مع وجود البنت لنقصت البنت عن النصف إذا عالت الفريضة [كزوجة أو زوج] (?) وبنت وأخت [وإخوة] (?)، والإخوة لا يزاحمون الأولاد لا بفرضٍ ولا تعصيب، فإن الأولاد أولى منهم، فبطل فرض النصف، وبطل سقوطها بما ذكرناه؛ فتعين القسم الثالث وهو أن تكون عصبة لها ما بقي، وهي أولى به من سائر العصَبَات الذين هم أبعد منها؛ وبهذا جاءت السنة الصحيحة الصريحة التي قضى بها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ فوافَقَ قضاؤه كتابَ ربه والميزانَ الذي أنزله (?) مع كتابه؛ وبذلك قضى الصحابةُ بعده كابن مسعود ومُعاذ بن جبل وغيرهما.
فإن قيل: لكن خرجتم عن قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ألحقُوا الفرائضَ بأهلها، فما بقي فلأوْلى رجلٍ ذكرٍ" (?) فإذا أعطينا البنت فرضها وجب أن يُعطى الباقي لابن الأخ