صاحبُه قد التزم فيه إباحةَ ما حَرَّم اللَّه ورسوله، أو تحريم ما أباحه، أو إسقاط ما أوجبه، أو إيجاب ما أسقطه، ولا خامس لهذه الأقسام البتة؛ فإن مَلَّكتُم المُشترط والمعاقد (?) والمعاهد جميع ذلك انسلختم من الدين، وإن ملكتموه البعض دون البعض تناقضتم، وسألناكم ما الفرق بين ما يملكه من ذلك وما لا يملكه؛ ولن تجدوا إليه سبيلًا.
قال الجمهور: أما دعواكم النسخ [فإنها دعوى] (?) باطلة تتضمن أن هذه النصوص ليست من دين اللَّه، ولا يحل العمل بها، وتجب مخالفتها، وليس معكم برهان قاطع بذلك؛ فلا تسمع دعواه، وأين التحاكم (?) إلى الاستصحاب والتثبت (?) به ما أمكنكم؟
وأما تخصيصها فلا وجه له، وهو يتضمن إبطال ما دلت عليه من العموم، وذلك غير جائز إلا ببرهان من اللَّه ورسوله.
وأما ضعف بعضها من جهة السند فلا يقدح في سائرها، ولا يمنع من الاستشهاد بالضعيف وإن لم يكن عمدة.
وأما معارضتها بما ذكرتم فليس بحمد اللَّه بينها وبينه تعارض، وهذا إنما يعرف بعد معرفة المراد بكتاب اللَّه في قوله: "ما كان من شرط ليس في كتاب اللَّه" (?)، ومعلوم أنه ليس المراد به القرآن قطعًا، فإن أكثر الشروط الصحيحة ليست في القرآن، بل عُلمت من السنة؛ فعُلم أنَّ المرادَ بكتاب اللَّهِ حُكمُه كقوله: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [النساء: 24]، وقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كتابُ اللَّه القصاصُ" (?) في