في الأخبار محال وهو ورودها بما يرده العقلُ الصحيحُ (?) فكذلك الأوامر ليس فيها ما يخالف القياس والميزان الصحيح.
وهذه الجملة إنما تنفصل بعد تمهيد قاعدتين عظيمتين: إحداهما (?) أن الذِّكر الأمري محيطٌ بجميع أفعال المكلفين أمرًا ونهيًا وإذنًا وعفوًا، كما أن الذكر القدري محيط بجميعها علمًا وكتابةً وقدرًا، فعلمه وكتابه وقدره قد أحصى جميع أفعال عباده وأمره ونهيه وإباحته وعفوه [الواقعة تحت التكليف وغيرها] (?)، قد أحاط بجميع أفعالهم التكليفية، فلا يخرج فعل من أفعالهم عن أحد الحكمين: إما الكوني، وإما الشرعي الأمري (?)، فقد بَيِّن اللَّه سبحانه على لسان رسوله بكلامه وكلام رسوله جميع ما أمره (?) به وجميع ما نهى عنه وجميع ما أحلَّه وجميع ما حرمه وجميع ما عفا عنه، وبهذا يكون دينه كاملًا كما قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي] (?)} [المائدة: 3] ولكن قد يقصُر فهم أكثر الناس عن فهم ما دلت عليه النصوص وعن وجه الدلالة وموقعها (?)، وتفاوت الأمة في مراتب الفهم عن اللَّه ورسوله، لا يحصيه إلا اللَّه، ولو كانت الأفهام متساوية لتساوت أقدام العلماء في العلم، ولما خص اللَّه سبحانه سليمان بفهم الحكومة في الحرث، وقد أثنى (?) عليه وعلي داود بالعلم والحُكْم (?)، وقد قال عمر لأبي موسى في كتابه إليه "الفَهْمَ الفَهْمَ فيما أُدلي إليك" (?)، وقال علي: "إلا فهمًا يؤتيه اللَّه عبدًا في كتابه" (?)، وقال أبو سعيد: كان أبو بكر أعلمنا برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (?) ودعا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لعبد اللَّه بن عباس أن