للمصلحة (?) التي اقتضت كتمان الحال، ومن تأمل الأحاديث رأى ذلك فيها كثيرًا جدًا، وباللَّه التوفيق.
قالوا: وهذا غَيْضٌ من فيضٍ، وقطرة من بحر، من تناقض القياسيين (?) الآرائيين وقولهم بالقياس وتركهم لما هو نظيره من كل وجه أو أولى منه (?) وخروجهم في القياس عن موجب القياس، كما أوجب لهم مخالفة السنن والآثار كما تقدم الإشارة إلى بعض ذلك، فليوجدنا القياسيون (?) حديثًا واحدًا صحيحًا [صريحًا] (?) غير منسوخ قد خالفناه لرأي أو قياس أو تقليد رجل، ولن يجدوا إلى ذلك سبيلًا، فإن كان مخالفةُ القياس ذنبًا (?) فقد أريناهم مخالفته صريحًا، ثم نحن أسعدُ الناس بمخالفته منهم؛ لأنا إنما خالفناه للنصوص؛ وإن كان حقًا فماذا بعد الحق إلا الضلال؟
فانظر إلى هذين البَحْرين اللذين قد تلاطمت أمواجهما، والحزبين اللذين قد ارتفع في مُعتركِ الحَرْب عَجَاجُهما، فجرَّ كلُّ منهما جيشًا من الحجج لا تقوم له الجبال، وتتضاءل له شجاعةُ الأبطال، وأدلى كل منهما (?) من الكتاب والسنة والآثار بما خضعت له الرقاب، وذَلَّت له الصِّعاب، وانقاد له علم كل عالم، ونفَّذَ (?) حكمه كلُّ حاكم، وكان نهاية قدم الفاضل النحرير الراسخ في العلم أن يفهم عنهما ما قالاه، ويحيط علمًا بما أضَّلاه وفضَّلاه؛ فليعرف الناظر في هذا المقام قدره، ولا يتعدى طوره، وليعلم أن وراء سويقتيه (?) بحارًا طامية، وفوق مرتبته في العلم مراتب فوق السُّهى (?) عالية، فمن وثق من نفسه بأنه (?) من