الواقفين (?)، واعتبار ما فيه قربة، فإن الواقف إنما مقصوده بالوقف التقريب إلى اللَّه فتقربه بوقفه كتقربه بنذره؛ فإن العاقل لا يبذل ماله إلَّا لما له فيه مصلحة عاجلة أو آجلة؛ والمرء في حياته قد يبذل ماله في أغراضه، مباحة كانت أو غيرها وقد يبذله فيما يقربه إلى اللَّه، وأما (?) بعد مماته فإنما يبذله فيما يظن أنه يقرب إلى اللَّه، فلو (?) قيل له: "إن هذا المصرف لا يقرب إلى اللَّه [عز وجل] (?)، أو إن غيره أفضل وأحب إلى اللَّه منه وأعظم أجرًا" لبادر إليه، ولا ريب أن العاقل إذا قيل له: "إذا بذلت مالك في مقابلة هذه الشروط (?) حصل لك أجر واحد، وإن تركته حصل لك أجران" فإنّه يختار ما فيه الأجر الزائد، فكيف إذا قيل له: "إن هذا لا أجر فيه ألبتة" فكيف إذا قيل [له] (?): "إنه مخالف لمقصود الشارع مضاد له يكرهه اللَّه ورسوله"؟ وهذا كشرط العزوبية مثلًا وترك النكاح، فإنه شرط لترك واجب أو سنّة أفضل من صلاة النافلة وصومها أو سنَّة دون الصلاة والصوم، فكيف يلزم الوفاء بـ[شرط] (?) ترك الواجبات والسنن اتباعًا لشرط الواقف وترك شرط اللَّه ورسوله الذي قضاؤه أحق وشرطه أوثق؟

يوضحه أنه لو شرط في وقفه أن يكون على الأغنياء دون الفقراء كان (?) شرطًا باطلًا عند جمهور الفقهاء، قال أبو المعالي الجويني -هو إمام الحرمين-[-رضي الله عنه-] (?): ومعظم أصحابنا قطعوا بالبطلان، هذا مع أن وصف الغنى وصف مباح ونعمة من اللَّه وصاحبه إذا كان شاكرًا فهو أَفضل من الفقير مع صبره عند طائفة كثيرة من الفقهاء والصوفية (?)، فكيف يلغى هذا الشرط ويصح شرط الترهب (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015