ونفاسًا، قليلًا كان أو كثيرًا. وقد ذكرتم هذا بعينه في النفاس، فما الذي فَرَّق بينه وبين الحيض؟ ولم يأتِ عن اللَّه ولا عن رسوله ولا عن الصحابة تحديدُ أقل الحيض بحد [أبدًا] (?)، ولا في القياس ما يقتضيه.
والعجب أنكم قلتم: المرجع فيه إلى الوجود حيث لم يحدّه الشارع، ثم ناقضتم فقلتم: حد أَقلِّه يومٌ وليلة.
وأما أصحابُ الثلاث فإنما اعتمدوا على حديث توهَّموه صحيحًا وهو غير صحيح باتفاق أهل الحديث (?)، فهم أعذر من وجه؛ قال المُفرِّقون: بل فرَّقنا بينهما بالقياس الصحيح؛ فإن للنفاس علمًا ظاهرًا يدل على خروجه من الرَّحم وهو تقدم الولد عليه، [فاستوى قليله وكثيره؛ لوجود علمه الدال عليه] (?)، وليس مع الحيض علم يدل على خروجه من الرحم، فإذا امتد زمنه صار امتداده علمًا ودليلًا على أنه حيض معتاد، وإذا (?) لم يمتد لم يكن معنا ما يدل عليه أنه حيض (?) فصار كدم الرُّعاف.
ثم ناقضوا (?) في هذا الفرق نفسه أبْيَنَ مناقضة؛ فقال أصحاب الثلاث: لو امتد يومين ونصف يوم دائمًا لم يكن حيضًا حتى يمتد ثلاثة أيام.
وقال أصحاب اليوم (?): لو امتد من غدوة إلى العصر دائمًا لم يكن حيضًا حتى يمتد إلى غروب الشمس؛ فخرجوا بالقياس عن محض القياس.