كأنما هو خطاب للمتصدّين للفتوى والقضاء، الموقّعين عن اللَّه، فهو إعلام لهم. فتكون القضية فيه قضيةَ ترجيح لأحد الوجهين، استحسانًا باختلاف التقدير، لا قضيةَ خطأ وصواب، لأنّ مدار الخطأ والصواب في أحدهما إنما هو معرفةُ ما وضَعَ المؤلف وأراد، وهذا لم يُعرف".
وأما الفتح، فهذا الذي ذهب إليه الأستاذ العلامة الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، في الطبعة التي اعتنَى بإخراجها، وطُبعت بمطبعة السعادة بالقاهرة سنة 1374 في أربعة أجزاء، فقد أَثبت الهمزة فوق الألف في كلامه لبيان اختتام كل جزء من الأجزاء الأربعة، وفي مفتتح فهرس كل جزء منها، وفي ختام كل فهرس منها أيضًا، مما دَلَّ على أن ذلك مقصود له للإشارة إلى هذا الضبط.
وقد قوّى الشيخ بكر أبو زيد (الفتح) وجوز (الكسر) في جهد بذله في مطابقة العنوان للمضمون فقال: "الإعلام -بكسر الهمزة- بمعنى (الإخبار) "، كما قال الراغب وغيره.
والموقع بمعنى المفتي والقاضي. فيكون المعنى مع تقدير متعلق الخبر (إخبار الموقعين من القضاة والمفتين عن ربّ العالمين بأحكام أفعال العبيد).
وهذا التقدير لمتعلق الخبر واضح من قول ابن القيم في مقدمته للكتاب:
"أما بعد: فإن أولى ما يتنافس فيه المتنافسون، وأحرى ما يتسابق في حلبة سباقه المتسابقون، ما كان بسعادة العبد في معاشه ومعاده كفيلًا، وعلى طريق هذه السعادة دليلًا" (?).
ثم قال:
"ولما كان العلم للعمل قرينًا وشافعًا، وشرفه لشرف معلومه تابعًا، كان أشرف العلوم على الإطلاق علم التوحيد، وأنفعها علم أحكام أفعال العبيد" (?).
وقد أفاض ابن القيم رحمه اللَّه تعالى في أجزاء الكتاب بأحكام أفعال العبيد في جملة من أبواب الدين ومسائله.
ويضاف إلى هذا التوجيه: أن عامة الذين ذكروا هذا الكتاب من مترجميه جاء رسمه بكسر الهمزة، لكن -في الواقع- أن هذا لا يعني كثيرًا من الناسخ أو الطابع أو غيرهما".