وقال: "مثل الذين يَغْزُونَ من أُمَّتي وَيَتَعَجَّلُونَ أجورَهم، كمثل أم موسى تُرَضعُ وَلَدَهَا وتأخُذ أجْرَها" (?).
قالوا: فهذه وأمثالها من الأمثال التي ضرَبها رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لتقريب المراد، وتفهيم (?) المعنى، وإيصاله إلى ذهن السامع، وإحضاره (?) في نفسه صورة (?) المثال الذي مَثَّل به، فإنه [قد] (?) يكون أقربَ إلى تَعقُّله وفهمه وضبطه واستحضاره له باستحضار نظيره؛ فإنَّ النفسَ تأنس بالنظائر والأشباه الأُنسَ التام، وتنفِرُ من الغُرْبة والوَحْدَة وعدم النظير؛ ففي الأمثال من تأنيس النفس وسرعة قبولها وانقيادها لما ضرب لها مثله من الحق أمرٌ لا يجحده أحد، ولا ينكره (?)، وكلما ظهرتْ لها الأمثال ازْدَادَ المعنى ظهورًا، ووضوحًا، فالأمثالُ شواهدُ المعنى المراد، ومزكية له، فهي: {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} [الفتح: 29]، وهي خاصة العقل ولبّه وثمرته.
ولكن أين [في] (?) الأمثال التي ضربها اللَّه ورسوله على هذا الوجه، فهمنا