غَبْراء لا يدرون ما قطعوا منها أكثر أو ما بقي منها، فحسرت ظهورهم، ونفد زادهم، وسقطوا بين ظَهْري المفازة، فأيقنوا بالهلكة، فبينما هم كذلك إذ خرج عليهم رجل في حُلّة يقطر رأسه، فقالوا: إن هذا لحديثُ عهدٍ بريفٍ، فانتهى إليهم، فقال: يا هؤلاء، ما شأنكم؟ فقالوا: ما ترى كيف حسرت ظهورنا، ونفدت أزوادنا بين [ظهري] (?) هذه المفازة، لا ندري ما قطعنا منها أكثر أم ما بقي؟ فقال: ما تجعلون لي إنْ أَوردتُكم ماءً رُواءً (?) ورياضًا خضرًا؟ قالوا: حكمك، قال: تُعطوني عهودَكم ومواثيقكم ألا تعصوني، ففعلوا، فمال بهم فأوردهم ماءً رواءً (?) ورِياضًا خُضْرًا، فمكث يسيرًا، ثم قال: هلُمُّوا إلى رياض أعشبَ من رياضكم هذه، وماءٍ أروى من مائكم هذا، فقال جُلُّ القوم: ما قدرنا على هذا حتى كدنا أنْ لا نقدر عليه، وقالت طائفةٌ منهم: ألستُم قد جعلتم لهذا الرجل عهودكم ومواثيقَكم أن لا تعصوه؟ فقد صدقكم في أول حديثه، فآخرُ حديثه مثل أوله، فراح وراحوا معه، فأوردهم رياضًا خضرًا وماءً رواءً، وأتى الآخرين العدوُّ من ليلتهم فأصبحوا ما بين قتيل وأسير" (?).
وقال: "مثل المؤمن كمثل النَّخْلة، أكلت طيِّبًا ووضعت طيبًا، وإنَّ مثل المؤمن كمثل القطعةِ الجيدةِ من الذهب، أُدخلت النَّار فنُفِخَ عليها فخرجت جيدة" (?).