نهى أن يبيع الرجل على بيع أخيه أو يخطب على خطبته (?)، ومعلوم أن المفسدة التي نهى عنها في البيع والخطبة موجودة في الإجارة، فلا يحل له أن يُؤجِّر على إجارته، وإنْ قُدِّر دخول الإجارة في لفظ البيع العام، وهو بيع المنافع، فحقيقتها غير حقيقة البيع، وأحكامها غير أحكامه.

ومن ذلك قوله سبحانه في آية التيمم: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: 6]، فألحقت الأمةُ أنواعَ الحدث الأصغر على اختلافها في نقضها بالغائط، والآية لم تنص من أنواع الحدث الأصغر إلا عليه أو على اللَّمْس على قول مَنْ فسَّره بما دون الجماع، وألحقتِ الاحتلامَ بملامسة النساء، وألحقت واجَد ثمن الماء بواجده، وألحقت مَنْ خاف على نفسه أو بهائِمه من العطش إذا توضَّأ بالعادم؛ فجوَّزت له التَّيممَ وهو واجدٌ للماء، وألحقت مَنْ خشيَ المرض من شدة برد الماء (?) بالمريض في العدول عنه إلى البدل؛ وإدخال هذه الأحكام وأمثالها في العمومات المعنوية التي لا يستريب مَنْ له فهمٌ عن اللَّه ورسوله في قَصْدِ عمومها وتعليق الحكم به وكونه متعلقًا بمصلحة العبد أولى من إدخالها في عموماتٍ لفظية بعيدةٍ التناول لها ليست بحرية (?) الفهم مما لا ينكر تناول العمومين لها؛ فمن الناس من يتنبَّه لهذا، ومنهم من يتنبَّه لهذا، ومنهم من يتفطَّن لتناول العمومين لها.

ومن ذلك قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283]، وقاست الأمةُ الرَّهنَ في الحضر على الرهن في السفر، والرهن مع وجود الكاتب على الرهن مع عدمه، فإن استُدل على ذلك بأنَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رَهَنَ دِرْعَه في الحضر (?)؛ فلا عمومَ في ذلك، فإنَّما رهنها على شعير استقرضه من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015