ومنها قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ [وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (75) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ] (?) وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76)} [النحل: 75، 76] (?) هذان مثلان متضمنان قياسين من قياس العكس، وهو نفي الحكم لنفي علته وموجبه، فإن القياس نوعان: قياس طرد يقتضي إثباتَ الحكم في الفرع لثبوت علَّة الأصل فيه؛ وقياس عكس يقتضي نفيَ الحكم عن الفرع لنفي علة الحكم فيه؛ فالمثل الأول [ما] (?) ضربه اللَّه سبحانه لنفسه وللأوثان، فاللَّه سبحانه هو المالك لكل شيء ينفق كيف يشاء على عبيده سرًا وجهرًا وليلًا ونهارًا، يمينه ملأى لا يغيضها نفقة سحَّاء (?) الليل والنهار، والأوثان مملوكة عاجزة لا تقدر على شيء، فكيف تجعلونها [شركاء لي] (?) وتعبدونها من دوني مع هذا التفاوت العظيم والفرق المبين؟ وهذا قول مجاهد وغيره (?)؛ وقال ابن عباس: هو مثل ضربه اللَّه للمؤمن والكافر، ومثل المؤمن في الخير الذي عنده [بمن] (?) رزقه منه رزقًا حسنًا فهو ينفق منه على نفسه وعلى غيره سرًا وجهرًا، والكافر بمنزلة عبد مملوك [عاجز] (?) لا يقدر على شيء؛ لأنه لا خير عنده، فهل يستوي الرجلان عند أحد من العقلاء؟ (?) والقول الأول أشبه بالمراد، فإنه (?)