{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ] (?)} [الحجرات: 10].
وقوله (?): "مَنْ ادّعى حقًا غائبًا أو بينةً فاضرِبْ له أمدًا ينتهي إليه" هذا من تمام العدل، فإن المُدّعي قد تكون حجته أو بينته غائبة، فلو عُجِّل عليه بالحكم بطل حقه، فإذا سأل أمدًا تحضر (?) فيه حجته أجيب إليه، ولا يتقيد ذلك بثلاثة أيام، بل بحسب الحاجة، فإن ظهر عناده ومدافعته للحاكم لم يضرب له أمدًا، بل يفصل الحكومة، فإنَّ ضرْب هذا الأمد إنَّما كان لتمام العدل، فإذا كانت فيه إبطال للعدل لم يُجَبْ إليه الخصم.
وقوله: "ولا يمنعنك قضاءٌ قَضيتَ به اليوم فراجعت فيه رأيك وهُديت فيه لرُشْدك (?) أن تُراجعَ فيه الحق، فإنَّ الحق قديم، ولا يبطله شيءٌ، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل" يريد أنك إذا اجتهدت في حكومة ثم وقعت لك مرة أخرى فلا يمنعك (?) الاجتهاد الأول من إعادته، فإن الاجتهاد قد يتغير، ولا يكون الاجتهاد الأول مانعًا من العمل بالثاني إذا ظهر أنه الحق، فإن الحق أولى بالإيثار؛ لأنه قديم سابق على الباطل، فإن كان الاجتهاد الأول قد سبق الثاني والثاني هو الحق فهو أسبق من الاجتهاد الأول، لأنه (?) قديم سابق على ما سواه،