يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282]، وقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ (?)} [البقرة: 183] وأمثال ذلك، وعلى هذا فقوله: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] يتناول الصنفين، لكن قد استقرت (?) الشريعة على أن شهادة المرأة نصفُ شهادة الرجل، فالمرأتان في الشهادة كالرجل الواحد، بل هذا أولى؛ فإن حضور النساء عند الرجعة أيسر من حضورهن عند كتابة الوثائق بالديون، [وكذلك حضورهن عند الوصية وقت الموت] (?)، فإذا جَوَّز الشارعُ استشهاد النساء في وثائق الديون (?) التي يكتبها الرجال مع أنها إنما تكتب غالبًا في مَجَامع الرجال فلأن يسوغ (?) ذلك فيما تشهده (?) النساء كثيرًا كالوصية والرَّجْعَة أولى.

يوضِّحه: أنه قد شَرَعَ في الوصية استشهادَ آخرين من غير المسلمين عند الحاجة؛ فلأن يجوز استشهاد رجل وامرأتين بطريق الأولى والأحرى، بخلاف الديون فإنه لم يامر فيها باستشهاد آخرين من غيرنا؛ إذ كانت (?) مُدَاينة المسلمين تكون بينهم وشهودهم حاضرون، والوصية في السفر قد لا يشهدها إلا أهل الذمة، وكذلك الميت قد لا يَشهَدُه إلا النساء. وأيضًا فإنما أمر في الرَّجْعَة باستشهاد ذَوَي عَدْلٍ؛ لأن المستشهد هو المشهود عليه بالرجعة، وهو الزوج؛ لئلا يكتمها، فأمر بأن يستشهد أكمل النصاب، ولا يلزم إذا لم يشهد (?) هذا الأكمل أن لا (?) يقبل عليه شهادة النصاب الأنقص، فإن طرق الحكم أعم من طرق حفظ الحقوق (?)، وقد أمَرَ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الملتقطَ أن يُشهد عليه ذَوَي عدل، ولا يكتم، ولا يغيب (?)، ولو شهد عليه باللقطة رجل وامرأتان قُبِلتْ بالاتفاق، بل يحكم عليه بمجرد وصف صاحبها لها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015