به: كلُّ (?) ما يُبيّن الحق من شهود أو دلالة، فإنَّ الشارع في جميع المواضع يقصد ظهورَ الحق بما يمكن ظهوره به من البينات التي هي أدلة عليه وشواهد له، ولا يردُ حقًا قد ظهر بدليله أبدًا فيضيع حقوقَ اللَّه وعباده ويعطِّلها، ولا يقف ظهور الحق على أمر معين لا فائدة في تخصيصه به مع مُسَاواة غيره في ظهور الحق أو رجحانه عليه ترجيحًا (?) لا يمكن جَحْده ودفعه، كترجيح شاهد الحال على مجرد اليد، في صورة مَنْ على رأسه عمامة وبيده عمامة وآخر خَلْفه مكشوف الرأس يعدو أثره، ولا عادة له بكشف رأسه، فبيِّنة الحال ودلالته هنا تُفيد من ظهور صدق المُدّعي أَضْعَاف ما يفيده مجرد اليد عند كل أحد، فالشارعُ لا يُهْمل مثل هذه البيِّنة والدلالة، ويضيّع حقًا يعلم كل أحد ظهوره وحجته، بل لمَّا ظنَّ هذا من ظَنَّه ضيَّعوا طريق الحكم (?)، فضاع كثير من الحقوق لتوقف ثبوتها عندهم على طريق معين، وصار الظالم الفاجر ممكَّنًا من ظلمه وفجوره، [فيفعل ما يريد] (?)، ويقول: لا يقوم عليَّ بذلك شاهدان اثنان، فضاعت حقوقٌ كثيرةٌ للَّه ولعباده، فحينئذٍ (?) أخرج اللَّه أمر هذا الحكم العام (?) من أيديهم، وأدخل (?) فيه من أمر الإمارة والسياسة ما يحفظ به الحق تارة ويَضِيعُ به أخرى، ويحصلُ به العدوان تارة والعدل (?) أخرى، ولو عَرفَ ما جاء به الرسول على وجهه لكان فيه تمام المصلحة المُغْنية عن التفريط والعدوان (?).