وقوله: "فيما (?) أُدلي إليك" [أي ما توصل] (?) به إليك من الكلام الذي يُحكم به بين الخصوم، ومنه قولهم: أَدلى [فلان] (?) بحجَّتِه، وأدلى بنَسَبه، ومنه قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ} [البقرة: 188] أي: تضيفوا ذلك إلى الحكام، وتتوصلوا بحكمهم إلى أكلها.
فإن قيل: لو أُريد (?) هذا المعنى لقيل: "وتُدْلُوا بالحكام إليها" وأما الإدلاء بها إلى الحكام فهو التوصل بالبرطيل (?) بها إليهم، فَتَرْشُوا الحاكم لتتوصلوا (?) بِرِشْوَتِهِ إلى أكله (?) بالباطل.
قيل: الآية تتناول النوعين: فكل منهما إدلاء إلى الحكام [بسببها] (?)، فالنهي عنهما معًا.
وقوله: "فإنه لا ينفع تكلُّم بحق لا نفاذ له" ولايةُ الحق: نفوذُه، فإذا لم ينفذ كان ذلك عزلًا له عن ولايته، فهو بمنزلة الوالي العدل الذي في توليته مصالح العباد في معاشهم ومعادهم، فإذا عزل عن ولايته لم ينفع، [ومراد عمر بذلك] (?): التحريض على تنفيذ الحق إذا فهمه الحاكم، ولا ينفع، تكلمه به إن (?) لم يكن له قوة [على] (?) تنفيذه، فهو تحريض منه على العلم بالحق والقوة على تنفيذه، وقد مدح اللَّه سبحانه أُولي القوة في (?) أمره، والبصائر في دينه فقال: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ} [ص: 45] [فالأيدي: القوي] (?) على تنفيذ أمر اللَّه، والأبصار: البصائر في دينه.