وقال علي بن شقيق: قيل لابن المبارك: متى يفتي الرجل؛ قال: إذا كان عالمًا بالأثر، بصيرًا بالرأي (?).
وقيل ليحيى بن أكثم: متى يجب للرجل أن يفتي؟ فقال: إذا كان بصيرًا بالرأي بصيرًا بالأثر (?).
قلت: يريدان بالرأي القياسَ الصحيح والمعانيَ والعللَ الصحيحة التي عَلّق الشارع بها الأحكام وجعلها مؤثرة فيها طَرْدًا وعكسًا (?).
قال اللَّه (?): {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (?) [القصص: 50] فقسم الأمر إلى أمرين لا ثالث لهما: إمَّا الاستجابة للَّه والرسول وما جاء به، وإما اتباع الهوى، فكُلُّ ما لم يأتِ به الرسول فهو من الهوى.
[(?) وقال تعالى: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ]} (?) [ص: 26] فقسَّم سبحانه طريق الحكم بين الناس إلى الحقِّ، وهو الوحي الذي أنزله اللَّه على رسوله (?)، وإلى الهَوَى، وهو ما خالفه.
وقال تعالى لنبيه [-صلى اللَّه عليه وسلم-] (7): {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ