وأما الحاكم فحكمه جزئي (?) خاص، لا يتعدى إلى غير المحكوم عليه وله؛ فالمفتي يفتي حكمًا عامًا كليًا أنَّ: مَنْ فَعَلَ كذا [ترتب عليه كذا] (?)، ومن قال كذا لزمه كذا، والقاضي يقضي قضاء معينًا على شخص معين، فقضاؤه خاص مُلْزِم، وفتوى العالم عامة غير ملزِمة، وكلاهما (?) أجْرُهُ عَظيم، وخَطَرُه كبير.
وقد حرم اللَّه -سبحانه- القول عليه بلا علم (?) في الفتيا والقضاء، وجعله من أعظم المحرمات (?)، بل جعله في المرتبة العليا منها، فقال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ [وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا] (?) وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33] فرتَّبَ المحرماتِ أربعَ مراتبَ، وبدأ بأسهلها وهو الفواحش، ثم ثنَّى بما هو أشد تحريمًا وهو (?) الإثم والظلم، ثم ثلَّثَ بما هو أعظم تحريمًا منهما وهو الشرك به (?) سبحانه، ثم ربَّع بما هو أشد تحريمًا من ذلك كله وهو القول عليه بلا علم، وهذا يعمُّ القول عليه سبحانه بلا علم في أسمائه، وصفاته، وأفعاله، وفي دينه وشرعه. وقال تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النحل: 116 - 117].
فتقدم عليهم (?) سبحانه بالوعيد على الكذب عليه في أحكامه، وقولهم لما