فَرِحُونَ} [الروم: 22] تقطعوا أمرهم بينهم زبرًا، وكلٌّ إلى ربهم راجعون وجَعَلوا (?) التعصُّبَ للمذاهب ديانتَهم (?) التي بها يَدِينون، ورؤوسَ أموالهم التي بها يَتَّجرون، وآخَرُون منهم قَنَعُوا بِمَحْض التقليد؛ وقالوا: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: 23]، والفريقان بمَعْزَلٍ عما ينبغي اتباعه من الصواب، ولسان الحق يتلو عليهم: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ} [النساء: 123]؛ قال الشافعي -قدس اللَّه تعالى روحه-: "أجمع المسلمون على أن مَنْ استبانت له سنةُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لم يكن له أن يَدَعَها لقول أحدٍ من الناس"، وقال أبو عمر (?) وغيره من العلماء: أجمع الناسُ على أن المقلِّد ليس معدودًا من أهل العلم، وأنَّ العلم معرفَةُ الحق بدليله. وهذا كما قال أبو عمر -رحمه اللَّه [تعالى] (?) -؛ فإن الناس لا يختلفون أن العلم: هو المعرفة الحاصلة عن الدليل، وأما بدون الدليل فإنما هو تقليد (?).
فقد تضمَّن هذان الإجماعان: إخراجَ المتعصب بالهوى؛ والمقلد الأعمى عن زمرة العلماء، وسقوطهما باستكمال مَنْ فوقهما الفروض من وراثة الأنبياء.
" فإن العلماء هم ورثة الأنبياء، فإن الأنبياء لم يُورِّثُوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما وَرَّثُوا العلم، فمن أخذه أخَذَ بحظٍّ وافر" (?)، وكيف يكون من ورثة