[العمل بالسياسة]

وجرت في ذلك مناظرة بين أبي الوفاء ابن عقيل (?) وبين بعض الفقهاء، فقال ابن عقيل: العمل بالسياسة هو الحزم، ولا يخلو منه إمام، وقال الآخر: لا سياسة إلا ما وافق الشرع فقال ابن عقيل: السياسة ما كان من الأفعال [بحيث] (?) يكون الناس معه أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد، كان لم يشرعه الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا نزل به وحى، فإن أردت بقولك: "لا سياسة إلا ما وافق الشرع" أي لم يخالف ما نطق به الشرع فصحيح، وإن أردت ما نطق به الشرع فغلط وتغليط للصحابة، فقد جرى من الخلفاء الراشدين من القتل والمثل ما لا يجحده عالم بالسير ولو لم يكن إلا تحريق المصاحف (?) كان رأيًا اعتمدوا فيه على مصلحة، وكذلك تحريق عليّ [كرم اللَّه وجهه] (2) الزنادقة في الأخاديد (?)، ونفي عمر نَصْرَ بن حجاج (?).

قلت: هذا موضع مزلة أقدام، ومضلة أفهام، وهو مقام ضَنْك ومعترك (?) صعب فَرَّطَ فيه طائفة فعطلُّوا (?) الحدود وضيعوا الحقوق وجرأوا أهل الفجور على الفساد وجعلوا الشريعة قاصرة لا تقوم بمصالح العباد وسَدُّوا على أنفسهم طرقًا صحيحة من الطرق التي يعرف بها المحق من المبطل وعطلوها مع علمهم وعلم الناس [بها] (8) أنها أدلة حق ظنًا منهم مُنَافاتها لقواعد الشرع، والذي أوجب لهم ذلك نوع تقصير في معرفة [حقيقة] (?) الشريعة والتطبيق بين الواقع وبينها فلما رأى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015