النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالت: ما يغني عني إلا كما تغني هذه الشعرة، لشعرة أخذتها من رأسها ففرِّق بيني وبينه، فأخذت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-[حميته] فدعا بركانة وإخوته، ثم قال لجلسائه: أترون أن فلانًا يشبه منه كذا وكذا من عبد يزيد وفلانًا منه كذا وكذا؟ قالوا: نعم، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لعبد يزيد: طلقها، ففعل فقال: "راجع امرأتك أم ركانة وإخوته" فقال: إني طلقتها ثلاثًا يا رسول اللَّه، قال: "قد علمتُ راجعها" وتلا: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (?).

قال أبو داود: حدثنا أحمد بن صالح، قال: حدثنا عبد الرزاق فذكره (?)، فهذه طريقة أخرى متابعة لابن إسحاق، والذي يخاف من ابن إسحاق التدليس، وقد قال: "حدثني" وهذا مذهبه وبه أفتى ابنُ عباس في إحدى الروايتين عنه صح عنه ذلك (?)، وصح عنه إمضاء الثلاث موافقة لعمر -رضي اللَّه عنه- (?)، وقد صح عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّ الثلاث كانت واحدة في عهده وعهد أبي بكر وصدرًا من خلافه عمر -رضي اللَّه عنهما- (?)، وغاية ما يقدر مع بعده أَنَّ الصحابة كانوا على ذلك، ولم يبلغه، وهذا وإن كان كالمستحيل، فإنه يدل على أنهم كانوا يفتون في حياته، وحياة الصديق بذلك، وقد أفتى هو -صلى اللَّه عليه وسلم- به، فهذه فتواه وعمل أصحابه كأنه أَخذ باليد، ولا معارض لذلك وَرَأَى عمر -رضي اللَّه عنه- أَنْ يحمل الناس على إنفاذ الثلاث عقوبة وزجرًا لهم لئلا يرسلوها جملة، وهذا اجتهاد منه -رضي اللَّه عنه- غايته أن يكون سائغًا لمصلحة رآها، ولا يُوجب ترك ما أفتى به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وكان عليه أصحابه في عهده وعهد خليفته فإذا ظهرت الحقائق فليقل امرؤ ما شاء، وباللَّه التوفيق.

وسأله -صلى اللَّه عليه وسلم- رجل، قال: إن تزوجتُ فلانة فهي طالق ثلاثًا، فقال: "تزوَّجْها، فإنه لا طلاق إلا بعد النكاح" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015