على عام، أو بعام على معين، أو بعام على عام، فهذه الأربعة هي مجامع ضروب الاستدلال".

وبيَّنَ كل ضرب من الأربعة، واستدل له بنصوص من القرآن الكريم، ونبه على أن القياس ينقسم إلى حق وباطل، فهو إما صحيح أو فاسد، قال (1/ 251):

"فالصحيح هو الميزان الذي أنزله تعالى مع كتابه، والفاسد ما يضاده، كقياس الذين قاسوا البيع على الربا بجامع ما يشتركان فيه من التراضي بالمعاوضة المالية، وقياس الذين قاسوا الميتة على المذكى في جواز أكلها، بجامع ما يشتركان فيه من إزهاق الروح: هذا بسبب من الآدميين وهذا بفعل اللَّه، ولهذا تجد في كلام السلف ذم القياس وأنه ليس من الدين، وتجد في كلامهم استعمالَه والاستدلالَ به، وهذا حق وهذا حق. . . ".

وانتقل إلى الحديث عن الأقيسة الثلاثة المستعملة في الاستدلال: (قياس علة) و (قياس دلالة) و (قياس شبه). وقد وردت كلها في القرآن الكريم بشاهد من الآيات التي تقصاها لكل من الأقيسة الثلاثة، واقتضى الموضوع، في قياس العلة وقياس الدلالة، أن يستدل بما جاء في القرآن الكريم من آيات بتحليل الأحكام، وما ورد في السنة من علل الأحكام والأوصاف المؤثرة فيها طردًا وعكسًا، ذكرها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ليدل على ارتباطها بها وتعديها بتعدي أوصافها وعللها. . . وقد قرب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، الأحكام إلى أمته بذكر نظائرها وأسبابها وضرب لها الأمثال. . . وجوز للحاكم أن يجتهد رأيه، وجعل له على خطئه في اجتهاد الرأي أجرًا واحدًا، إذا كان قصده معرفة الحق واتباعه. وقد كان أصحاب رسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يجتهدون في النوازل ويقيسون بعض الأحكام على بعض، ويعتبرون النظير بنظيره.

وتخلل ذلك استطرادات عجيبة في الاستنباطات القرآنية، وتوظيفها في كون القياس ميزانًا، والوقوف على أسرار بديعة من الآيات، لعلك لا تظفر بها في كتاب (?).

ولم ينس ابن القيم خلال هذه المباحث ذكر لفتات تاريخية من أحداث جرت له مع مخالفيه من المنحرفين، فقال مثلًا في (1/ 272): "وقد شاهدنا نحن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015