وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36]، وبقوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65]، وبقوله تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف: 3] وأمثالها، فدفعنا إلى زمان إذا قيل لأحدهم: "ثبت عن النبي (?) -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال كذا وكذا"، يقول: من قال بهذا (?)؟! ويجعل هذا دفعًا في صدر الحديث، يجعل (?) جهله بالقائل [به] (?) حجة له في مخالفته وترك العمل به، ولو نصح نفسه لعلم أن هذا الكلام من أعظم الباطل، وأنه لا يحل له دفع سنن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بمثل هذا الجهل، وأقبح من ذلك عذره في جهله إذ يعتقد (?) أن الإجماع منعقد على مخالفة تلك السنة، وهذا سوء ظن بجماعة المسلمين إذ ينسبهم (?) إلى اتفاقهم على مخالفة سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأقبح من ذلك: عذرُه في دعوى هذا الإجماع، وهو جهله وعدم علمه بمن قال بالحديث، فعاد (?) الأمر إلى تقديم جهله على السنة، واللَّه المستعان.
ولا يعرف إمام من أئمة الإسلام البتة قال: لا نعمل بحديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى نعرف من عمل به، [فإن جَهِل مَنْ بلغه الحديث مَنْ عَمِل به لم يحل له أن يعمل به] (?)، كما يقول (?) هذا القائل.
الفائدة الخامسة والخمسون (?): إذا سئل عن تفسير آية من كتاب اللَّه تعالى أو سنة رسول اللَّه (?) -صلى اللَّه عليه وسلم- فليس له أن يخرجها عن ظاهرها بوجوه (?) التأويلات