[هل للمفتي أن يفتي بغير مذهب إمامه؟]

الفائدة التاسعة والأربعون: هل للمنتسب إلى تقليد إمام معين أن يفتي بقول غيره؟ لا يخلو [الحال] (?) من أمرين: إما أن يسأل عن مذهب ذلك الإمام فقط فيقال له: ما مذهب الشافعي مثلًا في كذا وكذا؟ أو يسأل عن حكم اللَّه الذي أداه إليه اجتهاده، فإن سئل عن مذهب ذلك الإمام لم يكن له أن يخبره بغيره إلا على وجه الإضافة إليه، وإن سئل عن حكم اللَّه من غير أن يقصد السائل قول فقيه معيّن، فههنا يجب عليه الإفتاء بما هو راجح عنده، وأقرب إلى الكتاب والسنة من مذهب إمام أو مذهب من خالفه لا يسعه غير ذلك، فإن لم يتمكن منه وخاف أن يؤدي إلى ترك الإفتاء في تلك المسألة (?) لم يكن له أن يفتي بما لا يعلم يعلم أنه صواب، فكيف بما يغلب على ظنه أَنَّ الصواب في خلافه؟ ولا يسع الحاكم والمفتي غير هذا البتة، فإن اللَّه سائلهما عن رسوله وما جاء به، لا عن الإمام المعيَّن، وما قاله، وإنما يُسأل الناس في قبورهم ويوم معادهم عن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فيُقال له في قبره: ما كنت تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ (?).

{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ (?) فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: 65]، ولا (?) يُسأل أحد قط عن إمام، ولا شيخ، ولا متبوعٍ غيره، بل يسأل عمن اتَّبعه وأئتم به غيره، فلينظر بماذا يجيب وليعد للجواب صوابًا.

وقد سمعت (?) شيخنا رحمه اللَّه يقول: جاءني بعض الفقهاء من الحنفية فقال: أستشيرك (?) في أمر، قلت: وما (?) هو؟ قال: أريد أن انتقل عن مذهبي، قلت له: ولم؟ قال: لأني أرى الأحاديث الصحيحة كثيرًا تخالفه واستشرت في هذا بعض أئمة أصحاب الشافعي فقال لي: ولو (8) رجعت عن مذهبك لم يرتفع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015