يخفى عليه ذلك، بل هذا أغلب أحوال الناس؛ ولكثرته وشهرته يستغني عن الأمثلة، بل من تأمل المقالات الباطلة والبدع [كلها] (9) وجدها قد أخرجها أصحابها في قوالب مستحسنة، وكسوها ألفاظًا يقبلها بها من لم يعرف حقيقتها، ولقد أحسن القائل (?):

تقول هذا جناءُ النَّحلِ تمدحُهُ ... وإنْ تشأ قلتَ ذا قيء الزنابيرِ

مدحًا وذمًا، وما جاوزتَ وصفهما ... والحقُّ قد يعتريه سوءُ تعبيرِ

ورأى بعض الملوك (?) كأن أسنانه [قد] (?) سقطت فعبَّرها (?) له معبر بموت أهله وأقاربه فأقصاه وطرده، واستدعى آخر فقال له: [لا عليك] (3) تكون أطول أهلك عمرًا، فأعطاه وأكرمه وقرَّبه، فاستوفى المعنى، وغيَّر له العبارة، وأخرج المعنى في قالب حسنٍ.

والمقصود أنه لا يحلُّ له أن يفتي بالحيل المحرمة، ولا يعين عليها، [ولا يدلُّ عليها] (3)؛ فيضاد اللَّه في أمره قال [اللَّه] (3) تعالى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران: 54]، وقال تعالى: {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ} [النمل: 50 - 51]، وقال تعالى: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30] وقال تعالى: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}، وقال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142]، وقال تعالى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} (?) [البقرة: 9]، وقال تعالى: {وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [الأنعام: 123]، وقال تعالى في حق أرباب الحيل المحرمة: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015