لم يسعه إلا أن يجتهد له في الحق، ولا يسعه أن يفتيه بمجرد تقليد غيره من غير معرفة بأنه حق أو باطل، وإن قال له: "أريد أن أعرف في هذه النازلة قول الإِمام ومذهبه" ساغ له الإخبار به ويكون ناقلًا له ويبقى الدَّرك على السائل، فالدرك في الوجه الأول على المفتي، وفي الثاني على المستفتي.

[هل للحي أن يقلد الميت من غير نظر للدليل]

الفائدة الحادية والثلاثون: هل يجوز [للحيِّ] (1) تقليد الميت والعمل بفتواه من غير اعتبارها بالدليل الموجب لصحة العمل بها؟ فيه وجهان لأصحاب الإِمام أحمد والشافعي (?)؛ فمن منعه قال: يجوز تغيّر (?) اجتهاده لو كان حيًا، فإنه كان يجدد النَّظر عند نزول هذه النازلة إما وجوبًا، وإما استحبابًا على النزاع المشهور ولعله لو جدَّد النظر لرجع عن قوله [الأول] (?).

والثاني (?): الجواز وعليه عمل [جميع] (5) المقلدين في [جميع] (?) أقطار الأرض، وخيار ما بأيديهم من التقليد تقليد الأموات، ومن منع [منهم] (?) تقليد الميت، فإنما هو شيء يقوله بلسانه وعمله في فتاويه وأحكامه بخلافه والأقوال لا تموت بموت قائلها، كما لا تموت الأخبار بموت رواتها وناقليها.

[هل للمجتهد في نوع من العلم أن يفتي فيه؟]

الفائدة الثانية والثلاثون: الاجتهاد حالة تقبل التجزؤ والانقسام فيكون الرجل مجتهدًا في نوع من العلم مقلدًا في غيره أو في باب من أبوابه كمن استفرغ وسعه في نوع العلم بالفرائض وأدلتها واستنباطها من الكتاب والسنة دون غيرها من العلوم أو في باب الجهاد أو الحج أو غير ذلك، فهذا ليس له الفتوى فيما لم يجتهد فيه، ولا تكون معرفته بما اجتهد فيه مسوغة له الإفتاء بما لا يعلم في غيره وهل له أن يفتي في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015